فخ الأحلام الوردية - سندس ملائكة

فخ الأحلام الوردية


يحكيني محمد أنه دائمًا يفشل في تعديل عاداته الصحية بالرغم من محاولاته المستمرة. هو عنده طموح ورغبة أن يكون "إنسان صحي". سألته: "ماذا تعني لك فكرة أنك إنسان صحي؟" رد بأنه يرى نفسه يصحو مبكرًا، يصلي الفجر، يمارس رياضته في النادي الصباحي بعد الصلاة في المسجد، يفطر فطورًا ملونًا وصحيًا غنيًا بالبروتين، يذهب لدوامه وقهوته الصباحية في يده، لديه وجبة غداء جاهزة متكاملة يأكلها وقت البريك وهناك مكان لتخزين وتسخين تلك الوجبة في العمل، ينتهي من دوامه ويقضي وقتًا مع أسرته أو أصحابه حسب جدوله ويذهب إلى النوم مبكرًا.

سألته، طيب ما هو واقعك الفعلي؟

رد بأنه دائمًا يصعب عليه الاستيقاظ المبكر لأنه قد ما يحاول دائمًا يسهر، لا يوجد ثلاجة أو مايكرويف في مكان العمل لذا مضطر دائمًا يطلب أكل مع الشباب في الدوام. له فترة يحاول الالتزام في النادي لكنه يتحمس فترة ويطفش بسرعة لأنه لا يعرف ماذا يفعل. ما له نفس يتعلم الطبخ واشتراك الوجبات غالي بالنسبة له وكذلك مبلغ شراء الغداء اليومي ليس منطقيًا له ويعرف أنه سيكون أرخص عليه بكثير لو كان يقدر يجهز وجباته بنفسه.

طيب.. نأخذ لحظة ونفكر بصوت عالي، لماذا نصر على أحلام وردية لا تحاكي روتيننا اليومي ولا أسلوب حياتنا؟ لماذا مصرون على رفع سقف توقعاتنا من أنفسنا وندخل في دائرة جلد الذات بسبب أننا اخترنا أهدافًا غير واقعية لنا؟ ومن فضلكم، بلاش من وهم "قوة الإرادة" الذي نظن أنه سوبرمان الذي سوف ينقذنا.

الواقعية في تحديد المهام والعادات التي من ضمن نطاق قدرتي تسهل علي المشوار وكلما استمريت في ممارسة تلك العادة وصارت جزءًا من روتيني وهويتي، كلما كانت إمكانية الاستدامة عليها أفضل. ماذا نعني بالاستدامة؟ الاستدامة في مفهوم العادات الصحية تعني اتباع أسلوب حياة ونظام غذائي ونشاط بدني يمكن الحفاظ عليهما على المدى الطويل دون التأثير سلبًا على الصحة أو البيئة. يشير الكاتب جيمس كلير في كتابه المشهور "العادات الذرية" إلى أهمية خلق نظام حياة يعينك على العادات التي ترغب في ممارستها ويشجع على تبني العادات التي تصبح جزءًا من هويتك.

الحقيقة هذا الكتاب من كتبي المفضلة وأنصح القارئ به لأنه يوسع لك مبدأ العادات من مجرد روتين أو محاولات مستمرة مصيرها الفشل إلى كيفية التفكير فيها بطريقة مختلفة. يقول الكاتب "أنت لا ترتفع إلى مستوى أهدافك، بل تنخفض إلى مستوى أنظمتك" وهذه الجملة تجعلك تعيد تقييم محاولاتك السابقة لتفهم، فين كان الخلل؟

خليني أشارك خارطة شخصيًا أتبناها قد تساعدك:

-       خلي أهدافك واقعية (جدًا جدًا).

-       راقب نظام حياتك وافهمه ولا تحاول تسبح عكس تيار قوي. صحيح أن بعض المقاومة متوقعة ومحمودة لكنه لا نريد أن نغوص وننسى الهدف الأساسي.

-       تدرج في التعديل، أعطِ نفسك فرصة تتكيف عليه لكي تقدر تستمر عليه.

-       التكيف، التكيف، التكيف. عقلية يا أسود يا أبيض والصرامة في التفكير ستجعلك من النوع الذي دائمًا يؤجل العمل حتى تظهر من العدم البيئة المثالية الداعمة الموجودة في الأحلام. وهذا يعيدنا لأول نقطة، خلك واقعي واعمل بذكاء وليس بجهد.


هل عنك خارطة خاصة بك؟ شاركني في التعليقات.

د. سندس ملائكة

التعليقات